منتدى التوعية الاسلامية بمدرسة ابن كثير
أهلا زائرنا الكريم نتشرف بزيارتك
ونتمنى تسجيلك معنا
شعارنا:
(نلتقي لنرتقي)
المدير العام والمنشئ للمنتدى:عبد الغفار فودة


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى التوعية الاسلامية بمدرسة ابن كثير
أهلا زائرنا الكريم نتشرف بزيارتك
ونتمنى تسجيلك معنا
شعارنا:
(نلتقي لنرتقي)
المدير العام والمنشئ للمنتدى:عبد الغفار فودة
منتدى التوعية الاسلامية بمدرسة ابن كثير
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حقيقة العبادة في الإسلام

3 مشترك

اذهب الى الأسفل

حقيقة العبادة في الإسلام Empty حقيقة العبادة في الإسلام

مُساهمة من طرف صقر الصحراء الجمعة 14 مايو 2010, 5:05 am

حقيقة العبادة في الإسلام

أ.د السيد نوح**








العبادة في الإسلام من المصطلحات التي ظلمها في العصور الأخيرة جمهرة غفيرة من المسلمين؛ حيث قَصَرها هؤلاء على طائفة من الأعمال تُعرف باسم العبادات المخصوصة أو الشعائر التعبدية من صلاة، وصيام، وصدقات، وحج، وقراءة للقرآن، وذكر، ودعاء، وتوبة، واستغفار، أما باقي شئون الحياة الدنيا، فلا دخل للعبادة فيها.

وترتب على هذا المفهوم الظالم الضيق، قعود المسلمين عن أداء دورهم وواجبهم في الأرض، بل ووقوع خلل واضح بَيِّن في سلوك المسلم؛ حيث أنه يجمع في سلوكه اليومي بين المتناقضات، فهو يصلي ويحرص على أن تقع هذه الصلاة في أول الوقت، ويصوم ويحرص أن يكون هذا الصوم من أول يوم في رمضان، ويحج، ويعتمر مرات ومرات، ويتلو كتاب الله، ومع هذا كله يأكل الربا ويشرب الخمر، ويزني والعياذ بالله، ويغش، وإذا ما روجع في ذلك يقول: الدين أو العبادة علاقة شخصية بين العبد وربه، ولا صلة لهذا الدين أو لهذه العبادة بشئون الحياة الدنيا.

ولما كان هذا الفهم غير صحيح أحببنا في هذه العمالة أن نفصح عن حقيقة العبادة في الإسلام واضعين بذلك النقط على الحروف.

يعرف شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم المعروف بابن تيمية (سنة 728هـ)العبادة في الإسلام فيقول:

العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة؛ فالصلاة والزكاة والصيام والحج عبادة، وصدق الحديث وأداء الأمانة وبر الوالدين وصلة الأرحام والوفاء بالعهود عبادة، والدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد للكفار والمنافقين عبادة، والإحسان للجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والخادم، والرحمة بالضعيف والرفق بالحيوان عبادة، وكذلك حب الله ورسوله وخشية الله والإنابة إليه وإخلاص الدين له والصبر لحكمه والرضا بقضائه والتوكل عليه والرجاء في رحمته، والخوف من عذابه، وأمثال ذلك كله عبادة، بل الدين كله داخل في معنى العبادة؛ إذ الدين يتضمن معنى الخضوع والذل، يقال أدنته فدان أي أذللته فذل، ويقال: يدين الله، ويدين لله: يعبد الله ويطيعه ويخضع له، فدين الله عبادته وطاعته والخضوع له.

والعبادة أصل معناها الذل أيضا، يُقَال: طريق مُعَبَّد، إذا كان مُذَللاََ قد وطأته الأقدام، ولكن العبادة المأمور بها تتضمن معنى الذل ومعنى الحب فهي تتضمن غاية الذل لله، وغاية المحبة له.

ومن خضع لإنسان مع بُغضه له، لا يكون عابدا له، ومن أحب شيئًا ولم يخضع له لم يكن عابدا له، كما قد يُحِب الرجل ولده وصديقه، ولهذا لا يكفى أحدهما في عبادة الله تعالى بل يجب أن يكون الله أحب إلى العبد من كل شيء، وأن يكون الله أعظم عنده من كل شيء، بل لا تُستحق المحبة والذل التام إلا لله، وكل ما أُحِب لغير الله فمحبته فاسدة، وما عُظِّم بغير أمر الله فتعظيمه باطل.

قال تعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (التوبة: 24).

وهذا هو تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية للعبادة، وتحديده لصورها وعناصرها.

ومن يُمعن النظر في كتاب الله -عز وجل- وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- يجد فيها الدلائل الواضحات البينات على صحة هذا التعريف، وحسبنا أن نرجع إلى المصحف الشريف ونقرأ هذا الآيات، يقول تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ . وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ . كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ . فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ . فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (البقرة: 177- 182).

ويقول تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا . رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا . وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا . إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا . وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا . وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا . إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا . وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا . وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً . وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا . وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً . وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً . وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً . وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً . كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا . ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا} (الإسراء: 23-39).

ويقول تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا . وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا . وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا . إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا . وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا . وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا . وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتَابًا . وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا . وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا . وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا . أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا . خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} (الفرقان: 63-76).

ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ . يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات: 11-13).

وحسبنا أن نرجع إلى ديوان أو أكثر من دواوين الحديث الصحيحة المشهورة، كصحيح البخاري أوصحيح مسلم أو سنن أبي داود أو سنن الترمذي أو غيرها من الكتب الستة المعروفة لنقرأ الأحاديث التالية:

· أخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي ذر جندب بن جنادة -رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله: أي الأعمال أفضل؟ قال: "الإيمان بالله والجهاد في سبيله"، قلت: أي الرقاب أفضل؟ قال: "أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمنا" قلت: فإن لم أفعل؟ قال: "تعين صانعا أو تصنع لأخرق" قلت: يا رسول الله أرأيت إن ضعفت عن بعض الرجال، قال: "تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك".

· وأخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر أيضا، أن ناسا قالوا: يا رسول الله: ذهب أهل الدثور بالأجور -يعني ذهب أصحاب الأموال بالأجر- يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة"، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر، قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فلذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر".

· وأخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل سُلامَى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة".

· ورواه مسلم أيضا من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "إنه خلق كل إنسان من بن بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل، فمن كبر الله، وحمد الله، وهلل الله، وسبح الله، واستغفر الله، وعزل حجرا عن طريق الناس، أو شوكة أو عظما من طريق الناس، و أمر بمعروف أو نهي عن منكر عدد الستين والثلاثمائة السلامى فإنه يمشي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار". زاد مسلم في رواية أبي ذر قوله -صلى الله عليه وسلم- "ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى ".

· وأخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئر فنزل فيها فشرب ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان قد بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقى، فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له"، قالوا: يا رسول الله، إن لنا في البهائم أجرا؟ قال: "في كل كبد رطبة أجر".

· وفي رواية للبخاري: "فشكر الله له، فغفر له، فأدخله الجنة" وفي رواية لهما: "بينما كلب يطيف بركية قد كان يقتله من العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها -أي خفها- فسقته، فغفر لها به".

· وأخرج مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذى الناس ".

· وأخرج مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من مسلم يغرس غرسا، إلا كان ما أُكِل منه له صدقة، وما سُرِق منه له صدقة، ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة".

وفي رواية له: "فلا يغرس المسلم غرسا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا طير إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة".

وفي رواية له: "لا يغرس مسلم غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة، ولا شيء إلا كانت له صدقة".

· وأخرج البخاري في الصحيح من حديث المقدام بن معد يكرب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما أكل أحد طعامًا قط خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود -صلى الله عليه وسلم- كان يأكل من عمل يده".

هذه الآيات، وهذه الأحاديث، وغيرها كثير خير شاهد على أن العبادة في الإسلام كما يقول شيخ الإسلام -ابن تيمية- تشمل الحياتين جميعا الدنيا والآخرة.

غاية ما في الأمر أنها تنقسم إلى قسمين:

الأول: حدده الشارع وبينه، وهو ما يعرف في الفقه الإسلامي بالشعائر التعبدية أو بالعبادة المخصوصة كالصلاة والزكاة والصيام والحج، وقراءة القرآن والذكر والدعاء والاستغفار، وشئون الأسرة من الزواج والطلاق والرضاع والحضانة والنفقة والعدة والميراث، وشئون الدماء وهو ما يعرف باسم الجنايات والقصاص، ومنها ما يتصل بالعقيدة والعرض والعقل، وهو المسمى بالحدود، وهذا القسم لا يقبل عند الله ولا يعتديه إلا إذا صاحبه الإخلاص لله سبحانه وتعالى واتباع السنة قال تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (الكهف: 110).

الآخر: أطلقه الشارع، وهو ما يتناول جميع أعمال الإنسان اليومية ويسمى بالعبادة المطلقة، أو العبادة بمعناها العام.

وهذا القسم لا يقبل عند الله إلا إذا توفرت له شروط ثلاثة هي:

1- أن يقصد به وجه الله تعالى، وأن يكون الهدف مرضاته سبحانه

2- ألا يتعارض مع روح الإسلام ونصوصه تعارضا حقيقيا.

3- أن تكون من ورائه منفعة أو مصلحة تعود على الفرد والجماعة.

وقد كانت حياته -صلى الله عليه وسلم- صورة عملية لهذا المفهوم، واقتدى به الصحابة والتابعون من بعده من المسلمين، فحولوا كل شيء في حياتهم إلى أن يكون عبادة، ولذلك عَزُّوا، وسَادُوا، ومَكَّن الله لهم في الأرض.

وغاب هذا المفهوم من حياتنا نحن المسلمين اليوم، فَهُنَّا وتأخرنا ورَكِبَنَا الأعداء من كل جانب، حتى قال القائل: كم صرفتنا يد كنا نصرفها!!! وبات يملكنا شعب ملكناه!!!.

ويمكن أن نتحرر من هذا الذل والهوان وأن نعود أَعِزَّة، سادة، كما كان أسلافنا من قبل، شريطة أن نُحْيِي هذا المفهوم بيننا بحيث نعيشه علما وفقها، حالا وسلوكا، عملا وتطبيقا.

وسبيل إحياء هذا المفهوم تتلخص فيما يلي:

1. العيش الطويل مع القرآن الكريم وسنة وسيرة رسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- بعقل راشد، وقلب نقي، وهمة مجموعة، وعزم أكيد على الفقه ثم التنفيذ والتطبيق.

2. النظر الدائم في تاريخنا الإسلامي من عصر الصحابة، إلى عصرنا الحاضر -عصر الضعف والتأخر والانحطاط- والتركيز في هذا الجانب على كتب الإنسان مثل كتاب: الأنساب للحافظ السمعاني (ت 562)، أو اللباب في تهذيب الأنساب لابن الأثير؛ فإنها مليئة بالنماذج الحية الناطقة يجمعون مع العلم الكسب عن طريق الاحتراف؛ فهذا زجاجي، وهذا قواريري، وهذا قفال، وهذا قصاب، وهذا ذقاق، وهذا جلودي، وهذا بزاز، وهذا شاس، وهذا خريري، وهذا سروجي... وهكذا.

3. التذكر الدائم برسالتنا ودورنا في الأرض وأنه الشهادة على العالمين يعني أن نكون قدوة للناس نتقي الله ونُعَمِّر هذه الأرض ونرشدهم بهذه الأسوة والكلمة الطيبة فإن لم ينفع ذلك كان القتال لمن يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا، وما دامت هذه رسالتنا فإن أي عمل نأتيه وفق الضوابط التي ذكرنا آنفا يكون من صميم العبادة.

4. جعل هذه القضية هي الشغل الشاغل للأمة اليوم، يتناولها العلماء والكتاب والأمراء والوجهاء ونحوهم في مجالهم العامة والخاصة كل حسب ما يتاح له من إمكانات وما أعطى من طاقات ومواهب.

5. أخذ النفس بالحزم والشدة أن تنفذ كل ما تفقه بل أن تنقل هذا إلى من وراءها من الناس.

6. الاستعانة التامة بالله عز وجل، وهو سبحانه نعم المولى ونعم النصير، وقد وَعَد ووعده حق وصدق فقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (محمد: 7).

وقال: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} (النور: 55).

وقال: {وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الحج: 40). والله أعلم




--------------------------------------------------------------------------------

** موقع السيد نوح.
صقر الصحراء
صقر الصحراء
مشرف منتدى أعمال التوعية
مشرف منتدى أعمال التوعية

عدد المساهمات : 239
نقاط : 1332
تاريخ التسجيل : 07/04/2010
العمر : 32

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حقيقة العبادة في الإسلام Empty رد: حقيقة العبادة في الإسلام

مُساهمة من طرف mxm السبت 12 يونيو 2010, 1:33 am

ألف ألف ألف ألف ألف ألف ألف ألف ألف ألف ألف شكر لك
mxm
mxm
عضو جديد
عضو جديد

عدد المساهمات : 263
نقاط : 313
تاريخ التسجيل : 12/04/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حقيقة العبادة في الإسلام Empty رد: حقيقة العبادة في الإسلام

مُساهمة من طرف فتى الاحزان الأربعاء 16 يونيو 2010, 3:37 am

مشكووووور
فتى الاحزان
فتى الاحزان
عضو متألق
عضو متألق

عدد المساهمات : 81
نقاط : 82
تاريخ التسجيل : 08/06/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى